كانت الفتاة جميلة في بداية الصبا. وكانت تري بعض النساء وهن يعشن حياة الحرية والتمتع والسهر.. فأردت هذه الفتاة أن تعيش حياة المتعة والسعادة، وتعيش مع كل رجل تريده بدون حدود.. وكانت يتيمة الأب ، وتعيش مع والدتها في بيت ورثته عن أبيها ، ولأن الأم كانت طيبة ولا حول ولا قوة لها ،ذهبت إليها وقالت لها : إني أريد أن أعيش وأتمتع مع الرجال، فأحست الأم وكأن شخصا طعنها بخنجر ، ولكنها توكلت علي الله تعالي وفكرت حتى وجدت فكرة كأنها جاءت من السماء . قالت الأم للفتاة : فليكون ما أردت لكن بشرط إذا استطعت النجاح في الامتحانات فانك حرة وافعلي ما شئت ففرحت الفتاة ، وظنت أنها وجدات ما أردت قالت لها الأم : غدا سوف يمر الملك من هنا أمام الناس ، فإذا رايته تظاهري بالإغماء واسقطي علي الأرض ولابد أن تكوني في كامل زينتك ، ثم عودي إلي لتقصي غلي ما رأيت فقبلت الفتاة وفي اليوم التالي انتظرت الملك وسط الناس ..وان ما وصل المركب ، حتى تظاهرت الفتاة بالإغماء فرآها الملك بذلك الجمال ، فرق لحالها ونزل من حصانه وذهب إليها و ساعدها علي النهوض بعد أن ابتسم لها، وقبل يدها ، فشكرته وعادت إلي أمها ، فقالت لها الأم : الامتحان الثاني ، غدا سوف يزورنا وزير الملك ، فإذا رايته فا فعلي نفس الشئ ، وذلك ما كان ، فعندما رأت الوزير سقطت فنزل عن جواده وساعدها علي النهوض . وفي اليوم الثالث ، قالت الأم : غدا سوف يمر أمير الجيش ، فا فعلي نفس الشئ إذا رايته وذلك ما حدث لقد تظاهرت بالإغماء فاجأها أمير الجيش فساعدها ، بعد أن ابتسم لها ولجمالها ، وفي اليوم الرابع ، قالت الأم : غدا الامتحان الأخير ،إذا رأيت الملك مارا بموكبه ، ففعلي نفس الشئ ثم عودي إلي حياة الحرية والمتعة ، وجاء الغد . وذهبت الفتاة وهي سعيدة باقتراب انطلاقها للحب و الرجال والمتعة والسعادة ..كما كانت تظنها وان رأت الملك حتى سقطت أمامه ، فلما رآها قال لوزيره : من هذه الفتاة المجنونة ، التي كلما رآتن سقطت أبعدوها من هنا .
وقال الوزير لأمير الجيش : هذه الفتاة ساقطة ، لقد تشأ منا منها ،ومللنا سقوطها ..أبعدوها ..ولم رآها أمير الجيش تذكرها فقال للجنود: اطردوا هذه الفتاة الوسخة أو اسجنوها .. .. فذهب الجنود إليها يتضاحكون واحد يلمزها بيده والأخر يضربها بقدمه والأخر يدفعها بذراعيه ، والناس يتضاحكون والأطفال يرمونها بالحجارة ، فلم تخرج حتى كادت تموت فعلا .. عادت إلي والدتها بأنفس متقطعة ، ودموع مثل الأمطار .. قالت لولدتها : الكل شتمني ..الكل ضربني ..حتى الملك لم يعبأ بى ولا الوزير ولا أمير الجيش .. فقالت لها الأم : هذا ما سيحدث لك لو زنيت واستسلمت لرجال ، في البداية يمنحونك المال والحب ، ثم بعد مدة يملونك و يلمونك ، ثم يطرحونك أرضا مثل البقايا و الفضلات ... فعودي إلي وعيك ، وخافي الله . فبكت الفتاة وعرفت أن الله تعالي أكرمها بالشرف والعفة وصارت دائمة الصلاة والدعاء