المأساة المنسية
الإعلام ساحر العصر ودجاله ، يجعل من الضحية جلاداً ومن الجلاد ضحية ، ويحول الحق إلى باطل والباطل إلى حق ، كل هذا يحدث في ظل حكم العم سام للعالم ؛ وأود في الأسطر القادمة أن ألقي الضوء على مأساة تناساها العالم كله إكراماً لفرعون العصر العم سام ، هذه المأساة كان المجرم فيها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة ، والضحية فيها الهنود الحمر ، وممنوع على أحد أن يتكلم في هذه المأساة إكراماً للعم سام ؟!.
بداية المأساة ؟: عام 1620 هو العام الذي لن ينساه أبداً الشعب الهندي الأحمر ؛ لأنه يمثل بالنسبة إليهم بداية المأساة الحقيقية لشعب تعرض لإبادة لم يعرف التاريخ لها نظيراً ، ففي ذاك العام وتحديداً يوم الخميس الرابع من تشرين الثاني ؛ وصلت سفينة هؤلاء البروتستانت إلى شواطئ مدينة هندية أطلقوا عليها فيما بعد اسم بليموث تيمناً بمدينة بليموث البريطانية التي أبحروا منها ( وبليموث الجديدة تقع اليوم في ولاية "مساشوستس" الأمريكية ) فكان الإنكليز الذين تحملهم هذه السفينة هم أول مجموعة بشرية إنكليزية بروتستانتية ، تصل إلى شمال القارة الجديدة قادمة من القارة الأوربية . وصل هؤلاء الإنكليز الرواد بحالة يرثى لها إلى شواطئ ساحل رأس الكود ثم أطلقوا عليه ( بليموث الجديدة ) ؛ بعد تيه في البحر استمر طويلاً مات على إثره عدد لا بأس به منهم ، فقد أودى الجوع والبرد بحياة عدد من هؤلاء المغامرين ، ولولا مروءة وشهامة وكرم الهنود الحمر من أبناء شعب ( وامبانوغ ) الذين كانوا يعيشون في هذه المنطقة لما استطاع البيض أن يسكنوا هذه القارة ، إذ آوى الهنود الحمر هؤلاء المغامرين وداووهم وأطعموهم وعلموهم بعض فنونهم ، وعندما بدؤوا بالاستقرار في تلك القارة أخذوا يطلقون على كل مكان يستوطنون به اسماً من الأسماء التي أطلقها بنو إسرائيل على الأماكن التي دخلوها في فلسطين ، فقد أطلقوا على القارة الجديدة ( إسرائيل الجديدة ) وأرض الميعاد البديلة ، وشبهوا خروجهم من إنكلترا بخروج بني إسرائيل مع موسى من مصر وضياعهم في البحر بتيه بني إسرائيل في سيناء ، كما شبهوا التاج البريطاني بفرعون مصر ، وعبورهم للمحيط بعبور بني إسرائيل للبحر ؟؟!!. وهناك في القارة الجديدة لا يزال الأمريكان إلى يومنا هذا يقدسون تلك الصخرة التي وطئتها أقدام أسلافهم الحجاج أو الرواد (بايونيرز) ويعتبرونها صخرة مقدسة ؛ وهي الآن تحاط في مدينة بليموث بأعمدة المرمر وترفرف فوقها الأعلام الأمريكية ؛ كما يحتفلون كل عام بالتاريخ نفسه الذي نجا فيه هؤلاء المغامرون ويسمون ذلك العيد بـ (عيد الشكر) حيث يشكرون الرب على نجاة ووصول الحجاج البروتستانت إلى أرض الميعاد الجديدة . وبدلاً من أن يردَّ هؤلاء الإنكليز الجميل للهنود الحمر الذين أنقذوهم من هلاك حقيقي ما أن تعافوا حتى غدروا بهم ؛ وقتلوهم بطريقة بشعة ، وقاموا بإبادة شعب وامبانوغ لذلك أصبح عيد الشكر عند الهنود الحمر ذكرى للجحود والغدر الذي قوبلوا به من قبل الإنكليز البيض . وكان عام 1623 قد شهد أول عملية غدر ؛ وإبادة قام بها الإنكليز القادمون من وراء البحار بالهنود الحمر ؟! حيث قاموا بسلخ جلودهم واعتبروا قتلهم والتمثيل بهم قربة إلى الله ؟! وشبهوا الهنود الحمر بالكنعانيين العرب في فلسطين الذين أمرهم الله بقتلهم ؟؟!!. ومن أهم ما يميز الأمريكان منذ وجودهم على أرض تلك القارة إلى يومنا هذا ؛ أنهم يمارسون الكذب والتزييف وتحريف التاريخ بصورة مفضوحة ؛ ففي كل المدارس الابتدائية الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية يتعلم الأطفال الذين يدرسون فيها ؛ أن جورج واشنطن أول رئيس أمريكي بعد ما سُمي بالاستقلال ؛ هو أحد الآباء العظام المؤسسين للإمبراطورية الأمريكية التي أصبحت اليوم أكبر وأقوى وأعظم إمبراطورية ؛ عرفها التاريخ البشري المكتوب ؟!. كما يتعلم الأطفال أن جورج واشنطن هو من اختار موقع العاصمة الأمريكية واشنطن ؛ وسُميت باسمه ؛ بعد أن عانى طويلاً حتى وجد هذه الأرض البكر المفتوحة على نهر ( أوهايو ) الذي يشقها إلى نصفين ، ليقيم فوقها أول مدينة للبيض البروتستانت القادمين من أوروبا ؟!. ولكن